وجوب تعيين المحامين بالقضاء
بقلم
حمدي خليفه
نقيب المحامين
ورئيس إتحاد المحامين العرب
إنه لمن الواضح الجلي لكل من له صلة بالمنازعات القضائية سواء من القضاء أو أعضاء النيابة العامة والمحامين أو حتي المتقاضين أنفسهم, أن هناك أزمة استعصت علي كل من حاول الاقتراب منها لحلها وهذه الأزمة تتمثل في التراكم الهائل للقضايا بالمحاكم بمختلف درجاتها وأنواعها..
وكان السبب الأساسي والمباشر في هذه الأزمة هو قلة عدد القضاة بمختلف درجاتهم, بالنسبة لعدد القضايا والمتقاضين, وهذا يرجع إلي العدد الضئيل الذي يتم تعيينه في مجال القضاء والوقوف عند مصادر معينة دون غيرها من الهيئات التي يمكن تعيين أعضائها في هذا المجال.. وليس بخاف علي أحد الآن مدي التكدس الرهيب من القضايا في كل دائرة قضائية سواء جنائية أو مدنية أو تجارية أو شرعية أو غيرها.. وذلك إلي أن وصلت الأزمة بالفعل إلي حد الكارثة ولم تجد معها الحلول رغم كثرتها, فتارة يتقرر زيادة عدد الدوائر القضائية, وتارة أخري يتقرر أن تنشأ دوائر مسائية.. ولم تجد أيضا تعليمات وبيانات الحث علي سرعة الفصل في القضايا, ولم تجد التشريعات المتوالية التي من شأنها الانجاز الأسرع في الفصل في القضايا.
ونحن في هذا المقام ننوه إلي أن المشرع والسلطة التشريعية بأجمعها قد أعياها التفكير في محاولة التوصل إلي حل لهذه الأزمة التي ـ وبحق ـ تسببت في إضاعة بعض حقوق المواطنين, وتعطيل البعض الآخر, وذلك كله في الوقت الذي يبدو فيه الحل لهذه الأزمة واضحا جليا في نصوص القانون الموجودة بالفعل.. فلن نحتاج إلي تشريع جديد أو مناقشات طويلة أو إجراءات معقدة, بل يكفينا مطالعة قانون السلطة القضائية لنجد الحل الآتي:
بداية, تأتي المادة38 من القانون رقم46 لسنة1972 بشأن السلطة القضائية لتحدد الشروط الواجب توافرها في من يتولي القضاء, وهي أن يكون متمتعا بجنسية جمهورية مصر العربية وكامل الأهلية المدنية..
ألا تقل سنه عن ثلاثين سنة إذا كان التعيين بالمحاكم الابتدائية وعن ثمان وثلاثين سنة إذا كان التعيين بمحاكم الاستئناف, وعن ثلاث وأربعين سنة إذا كان التعيين بمحكمة النقض.. الخ.. كما تضمنت المادة39 من ذات القانون.. يعين قضاة الفئة( ب) بالمحاكم الابتدائية.. المحامون الذين اشتغلوا أمام محاكم الاستئناف أربع سنوات متتالية, بشرط أن يكونوا مارسوا فعلا لمدة تسع سنوات المحاماة أو أي عمل يعتبر بقرار تنظيمي عام يصدر من المجلس الأعلي للهيئات القضائية نظيرا للعمل القضائي.. كما تضمنت المادة41 من القانون نفسه علي أنه متي توافرت الشروط الأخري المبينة في هذا القانون جاز أن يعين..
أولا: في وظائف قضاة من الفئة( أ).. المحامون الذين اشتغلوا أمام محاكم الاستئناف مدة تسع سنوات متتالية بشرط أن يكونوا مارسوا المحاماة فعلا أو أي عمل يعتبر بقرار تنظيمي عام من المجلس الأعلي للهيئات القضائية نظيرا للعمل القضائي مدة أربع عشرة سنة..
ثانيا: في وظائف رؤساء فئة ب بالمحاكم الابتدائية.. المحامون الذين اشتغلوا أمام محاكم الاستئناف مدة اثنتي عشرة سنة متوالية بشرط أن يكونوا مارسوا المحاماة فعلا أو أي عمل يعتبر بقرار تنظيمي عام من المجلس الأعلي للهيئات القضائية نظيرا للعمل القضائي مدة سبع عشرة سنة..
ثالثا: في وظائف رؤساء فئة( أ) بالمحاكم الابتدائية.. المحامون الذين اشتغلوا أمام محاكم الاستئناف خمس عشرة سنة متوالية بشرط أن يكونوا مارسوا المحاماة فعلا أو أي عمل يعتبر بقرار تنظيمي عام من المجلس الأعلي للهيئات القضائية نظيرا للعمل القضائي مدة عشرين سنة.. رابعا: في وظائف المستشارين بمحاكم الاستئناف.. المحامون الذين اشتغلوا أمام محكمة النقض خمس سنوات متوالية.. وكذلك نصت المادة43 من ذات القانون علي أن يشترط فيمن يعين مستشارا بمحكمة النقض أن يتوافر فيه أن يكون من المحامين الذين اشتغلوا أمام محكمة النقض مدة ثماني سنوات متتالية... ومن ثم.. ومن جماع نصوص المواد سالفة الذكر يتضح وبجلاء أن الحل لأزمة تراكم القضايا سهل ويسير ومنصوص عليه فعلا بالقانون.. إذ إن في تعيين المحامين في منصب القضاء سيكون له أبلغ الأثر الايجابي في حل هذه المشكلة حيث إن لديهم من الخبرة العلمية والعملية مايؤهلهم لتقلد هذه المناصب, لأنهم يعتبرون من أكثر الفئات إلماما بالقوانين وتعديلاتها ويعلمون كيف ومتي تطبق القوانين.. بل ولأنهم أكثر احتكاما بالقضاة ويشعرون بآلامهم ومايعانون من إرهاق بدني وذهني نتيجة تراكم القضايا المطروحة عليهم.
ولايخفي أنه في حالة تطبيق النصوص المشار إليها أن ذلك سيعود بفائدة جمة علي القضاة الحاليين حيث إن ذلك سيقلل الضغط العملي عليهم فتقل نسبة القضايا المطروحة علي كل قاض مما سيعود بالنفع أيضا علي العدالة حيث إنه في هذه الحالة لن يقضي قاض في دعوي إلا بعد دراستها وفحصها بتمعن وروية.. فضلا عن ذلك.. فان ماتقدم سوف يمنح القضاة قسطا من الراحة دونما تأثير علي حسن سير القضايا وسرعة إنجازها.. وغير ذلك من فوائد تعيين المحامين في هيئة القضاء الكثير والكثير مما يستوجب تطبيق النصوص المشار إليها سلفا لاسيما أنها كانت مطبقة بالفعل من ذي قبل وكانت تؤتي ثمارها.. بل علي العكس.. فان في عدم تطبيق هذه المواد المشار إليها سلفا لمخالفة جسيمة للقانون حيث نصت المادة47 من قانون السلطة القضائية علي أن.. لايجوز عند التعيين في وظيفة قاض بالمحاكم الابتدائية أن تقل نسبة التعيين من المحامين المشتغلين بمهنة المحاماة عن الربع.. ولايجوز عند التعيين في وظيفة رئيس بالمحكمة الابتدائية أو مستشار بمحاكم الاستئناف أن تقل نسبة التعيين من المحامين المشتغلين بمهنة المحاماة عن العشر.. وتحسب هذه النسبة لكل فئة علي أساس الوظائف الخالية خلال سنة مالية كاملة.. لما كان ذلك.. ومن جماع ماتقدم بات واضحا وبحق أنه يجب الاستعانة بالمحامين للتعيين في القضاء لما في ذلك من ضرورة عملية وقانونية.
الاهرام 8/2/2010